"فرانتز فانون" لعبد النور زحزاح: جهدٌ سينمائي خلّاق

Rama Abdul Karim Quadri ("Alaraby.co.uk")

Rubrique

رغم القيمة الفكرية والتاريخية والثورية للطبيب النفسي فرانتز فانون (1925 ـ 1961)، لم تُنصفه السينما كما ينبغي. هناك فقط تقارير تلفزيونية إنشائية، وأفلام وثائقية قليلة، بعضها مُنحاز إلى رواية الكولونيالية غير الموضوعية، وأخرى لم تُظهر القيم الفلسفية العميقة التي توصّل إليها هذا المناضل، إلى أعمالٍ تجاهلت أفكاره ونظرياته، لجهلٍ أو بنيّة تقزيمه. هذه القيم تلقّفها معظم ثوّار العالم وأحراره، وكانت وقوداً لثورات عدّة.

أمّا الأفلام الروائية، فلم يُنجز عنه أيّ عمل، بل أفلام مقتبسة من كتبه، كـ"مُعذَّبو الأرض" (1969) للإيطالي فالنتينو أورسيني. أسباب هذا التجاهل معلومة، ففانون ضدّ الدول الاستعمارية والتوسّعية المهيمنة على خيرات الشعوب المستضعفة وأراضيها، عمل على إثبات عنصريّتها وجشعها وممارساتها أبشع أنواع التعذيب ضدّها، وأظهر العلاقة بين المستعمِر والمستعمَر، فلسفياً. إنّها خُلاصات يجب دفنها وسحقها وإزاحتها بأيّ طريقة، وفقاً للغرب، وعدم التمهيد لها سينمائياً. فالفيلم أحد أكثر الوسائل تأثيراً ونقلاً للأفكار، خاصة أنّ معظم شركات السينما العالمية الكبرى تهيمن عليها بلدان لها ماضٍ وحاضر كولونيالي، وتنتج العنف بطرق مختلفة.

استطاع المخرج الجزائري عبد النور زحزاح كسر هذا الطوق، باختياره هذا الرمز النضالي، مُنجزاً عنه فيلماً روائياً بعنوان طويل: "وقائع حقيقية حدثت في القرن الماضي بمستشفى الطب النفسي بالبليدة "جوانفيل" في الوقت الذي كان فيه الدكتور فرانتز فانون رئيساً للقسم الخامس بين عامي 1953 و1956"، المُختصر بـ"فرانتز فانون" (2024)، مؤكّدٌ أنّ لزحزاح أسباباً جعلته يُطيل العنوان.

لزحزاح مرجعية مناسبة وزاد معرفي عن موضوع فيلمه، إذْ أنجز وثائقياً بعنوان "فرانتز فانون: ذاكرة منفى" (2002). لذا، أخرج جديده هذا وكتب له السيناريو، ليؤكّد عدم الإهمال والتجاوز، ليس من المخرج فقط، بل من الجزائر كلّها، لأنّ فانون اعتنق مبادئ الثورة الجزائرية (1954 ـ 1962)، وانضمّ إليها، ومثّلها في محافل دولية عدّة.

في معالجته السينمائية، اعتمد زحزاح على الأسود والأبيض مُنطَلَقاً بصرياً أساسياً، ليعكس مرحلة الزمن الدرامي. يمكن قراءة هذا الخيار بتأويلات متفرّقة، منها سوداوية الفترة التاريخية وقساوتها، وأشكال العنف التي فيها. وهذا يعكس ظلامية الجلّادين وعنصريتهم وبطشهم. ونقل المُتلقّي إلى الماضي بسهولة، من دون تبريرات درامية ومؤشّرات زمنية. احتمال ثالث ربما يكون الأقوى والأقرب إلى التأويل: إسقاط مباشر على عنوان "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء"، الكتاب المُهمّ لفانون (1952)، الذي يقصد به أصحاب البشرة السوداء المستعمَرين والمستضعفين، وغيرهم من الشعوب غير البيضاء، ممن تُمارَس عليهم العنصرية من أصحاب الأقنعة البيضاء. كأنّه سؤال وجواب. بالتالي، ينقل زحزاح هذه المعادلة الفلسفية بصرياً، مُوفَّقاً بذلك إلى حدّ بعيد.

Connexion utilisateur

Commentaires récents

  • L'ONU a voté la création d'une "Journée Mondiale contre le colonialisme sous toutes ses formes" mais l'Ukraine s'est abstenue !

    HA-HA-HA !

    Albè

    01/11/2025 - 17:52

    Donc face au Diable, on devrait se montrer correct, fiable, fair-play, sincère etc...NON MAIS TU Lire la suite

  • L'ONU a voté la création d'une "Journée Mondiale contre le colonialisme sous toutes ses formes" mais l'Ukraine s'est abstenue !

    Dis papa , c'est quoi un "anti-impérialiste" ?

    poi

    01/11/2025 - 11:16

    Que l'Occident mente et manipule est une évidence !! Lire la suite

  • Quel langage "les doublement déportés" devront-ils tenir lorsqu'en 2027 le RN arrivera à l'Elysée ?

    parigolodutou

    abcx

    01/11/2025 - 09:58

    Parigolodutou rappelle qu'on ne doit pas rigoler de tout. Lire la suite

  • L'ONU a voté la création d'une "Journée Mondiale contre le colonialisme sous toutes ses formes" mais l'Ukraine s'est abstenue !

    EN MATIERE DE...

    Albè

    01/11/2025 - 08:04

    ...manipulations, fake news, coups tordus etc...L'OCCIDENT EST CHAMPIONNE DU MONDE TOUTES CATEGOR Lire la suite

  • L'ONU a voté la création d'une "Journée Mondiale contre le colonialisme sous toutes ses formes" mais l'Ukraine s'est abstenue !

    Que les anti -impérialistes lèvent la main !!!!

    poi

    01/11/2025 - 07:54

    Ainsi ,trafiquer des captures d'écran ,transmettre de fausses informations,et induire volontairem Lire la suite